responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 287
يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيٍ وَلاَ بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ [1].
وقول الإنسان: «لَا أَعْلَمُ» فيما لا يعلمه قول جميل يدل على ورع وشجاعة في مواجهة الغرور وغيره من أهواء النفس الإنسانية.
ولكن الإكثار من هذا القول، وبخاصة فيما يمكن أن يعلم، وفيما تتطلبه احتياجات الناس، يجعل الاتجاه إلى قاصرًا عن الوفاء بهذه الاحتياجات، فينصرف الناس عن المحدثين، ويحملهم على أن يُوَلُّوا وجوههم شطر من يستطيعون الإجابة عن أسئلتهم، وتلبية مطالبهم ومن يمتازون بسرعة الفصل فيما نزل وفيما يستجد من النوازل، ولعل هذا الموقف من المحدثين كان من أسباب انصراف الناس عن فقههم، ولولا ظهور محنة ابن حنبل وما هيأته له من مكانة ما قصد للفتوى هذا القصد، وما اهتم أحد بجمع فقهه ونشره هذا الاهتمام.
ولقد أكثر المحدثون من قول: «لَا أَدْرِي»، وتناقلوا أن قولها نصف العلم، حتى نقل عن أبي حنيفة أنه شنع عليهم بذلك، كما شنعوا عليه بكثرة المسائل، فقال: «يَكْفِي المَرْءَ أَنْ يَقُولَ: (لَا أَدْرِي) مَرَّتَيْنِ، حَتَّى يَسْتَكْمِلَ العِلْمَ» [2].

[ب] كَرَاهِيَةُ الفِقْهِ التَّقْدِيرِيِّ:
وإذا كان موقف المحدثين فيما لا أثر فيه هو التوقف والتحرج، فإننا لا نتوقع منهم أن يرحبوا بالمسائل الافتراضية، التي يبتغي منها استنباط أحكام لأحداث لم تقع بعد، ولكن يفترض حدوثها.

(1) " البخاري ": 4/ 263؛ و" فتح الباري ": 13/ 247.
(2) " ضحى الإسلام ": 2/ 188.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست